المفتون

8:47 م اريج الامل 0 التعليقات

  

 المفتون


يقلقها انبهاره بالجمال أينما وجد..تخنقها لحظة يتجمد فيها مبتهلا في محراب جمال حسناء تمر أمامه, تجن من سهولة استسلامه ومن هوى نفسه التي تلعب به الإناث كما تلعب الريح بأوراق الشجر. ما تفتأ تذكر كيف سبيت روحه عندما رآها أول مرة.. كيف ألغى عقله وسلمها زمام نفسه,وكيف نسي أمر زوجته الأولى وأودعها وأبنتها هاوية الهجر.. تحاصرها الظنون والخوف من مصير كمصير الزوجة الأولى.. تسأل نفسها مراراً وتكراراً


_ماذا أفعل؟ كيف أبقي هذا الرجل في قيدي؟


قد تكون على حق.. رجل بهذه المواصفات سيكون صعب على أي أنثى الاستئثار به وحدها.. وهي تخشى من أنثى لا تكتفي بالمرور في حياته كنزوة.. امرأة لا تكتفي إلا بمأذون شرعي ومهر وإشهار واستئثار تام.


أصبحت على حافة الجنون.. أنهكتها مراقبته.. وسأم محاصرتها له..أصبح يتحاشى الخروج معها أو الجلوس معها كثيرا.


تتفنن في إيجاد وسيلة تشغله بها عن النظر خارج إطارها.. ويتفنن هو في الصد مما زاد اشتعال هواجسها وظنونها التي أخذت تفتك بصحتها وتغذي فجوة بينهما أخذت بالأتساع.



عاتبته على إهماله..


ذكرته ليالي الود وأيام الصفاء..


استعطفته.. أظهرت له ضعفها أمام غيرة مجنونة تلتهم حناياها وأن الأمر كله ليس اختياري فقد غلبتها شقوتها.


صدق حديثها.


آخر ما توصلت إليه هو ملئ الفراغ الذي بدأ صقيعه يوغل في أعماقهما, لهذا لجأت إلى الحياة الاجتماعية والزيارات العائلية واستطاعت جذبه إلى عالمها الجديد الذي سايرها فيه وحثها عليه راجياً أن يقوم هذا النشاط الاجتماعي بتخفيف حدة التصادم بينهما, لم يكن يعلم بما يستعر تحت الرماد إلا تلك الليلة عندما كان بصحبتها في منزل أخته التي تقيم احتفالية سنوية بمناسبة انتهاء العام الدراسي لأولادها والعائلة, والذي صادف عيد زواجهما أيضاً, قدم لها هدية بمناسبة عيد زواجهما العاشر.. أزعجه تذمرها لعدم احتفالهما بهذه المناسبة معاً في مكان لا يشاركهما فيه أحد, رد عليها بإيجاز: كنت أخشى تذمرك من أي شيء تخترعينه فأنت لا تملين اختراع المشاكل.


خرج إلى الشرفة يحمل قطعة حلوى وفنجان قهوة.. أخذ يرتشف القهوة على مهل.. يستمتع بالليل وأضواءه الخافتة القادمة من شارع الحي الهادي الذي تسكنه أخته.. ويتنفس رائحة الشجر المحيطة بالمنزل مستغرقاً في تأمله, آملاً ألا تنقلب هذه الليلة إلى عتاب يعقبه انفجار...


اقتربت منه فتاة في الخامسة عشر من عمرها تضج الحياة في ملامحها, يتغنى الجمال بأروع


آياته قي محياها أقتربت بخجل وسلمت عليه.. أبهرته.. تمتم : الفتنة تسير على قدمين.. وتسائل في نفسه: من أين هبطت هذه الحورية؟.... قبل أن يسترسل في موجة انبهاره, تذكر زوجته.. تلاشت أحلامه في الاستمتاع بالنظر إلى هذا المخلوق الخرافي التكوين.. لاحظ وجودها معه في الشرفة دون رقيب.. أخافه هذا الوضع كثيراً وأحس بالارتباك.. فكر في زوجته لو رأت هذا الوضع..حاول الخروج من الشرفة سريعاً.. نادته الفتاة بيأس:


_أبي لم أرك منذ عشر سنين!


توقفت الدماء في جسده .. أبت قدماه أن تخطو خطوة واحدة.. أخذها بين ذراعيه.. أخذ يعتذر لها عن عدم رؤيته لها كل هذه السنين وقال:


_ لقد عادت بك أمك إلى مدينتها..كان صعب علي الذهاب إلى تلك المدينة..و..


ابتسمت الفتاة وقالت بعتاب: لا تبعد مدينتنا عنك سوى ساعة ونصف تقريبا.ً....


استرسلت بعتاب:


أبي اعرف أخبارك .. جدتي وعمتي يحدثاني عنك وعن طوفانك كما يحلو لجدتي تسميتها كلنا نرثي لحالها.. ولحالك.


كرر أسفه وقال:


_ لقد أخطأت.. تركتها تتمادى في ظنونها حتى تحولت حياتنا إلى حطام.. ابتعدت عنك وعنها ولم أستطع تغيير نظرتها لي.. جنونها وغيرتها غطيا على ممارساتي الخاطئة أمام الناس....


كنت أظن أن مجرد النظر للجمال الذي نثره الخالق هنا وهناك لايؤذي. عرفت الآن أنه لا ينبغي علي الافتتان بالجمال إلى هذه الدرجه.. ليس لأنني الآن أمتلك فتاة بهذا الجمال وأريد أن ينظر الجميع إليها بكل الاحترام والأدب. بل لأنني اكتشفت أيضا أني أصبحت كهلا عليه التفريق بين الخطأ والصواب والحلال والحرام...


كان صادقا فيما قاله. رفع يده إلى السماء وقال: أعاهدك يا رب أن أغض النظر ما استطعت, لا أريد لابنتي أن يؤذيها أحد ولو بنظرة.. عاد لمعانقتها في اللحظة التي أطلت فيها زوجته.. والتي رمقتة بنظرا ت جنونية قبل أن تسقط مغشيا عليها   

0 التعليقات: